دراسة أميركية: تكشف عن آلية مختلفة للعقم لدى السيدات البدينات
كشفت دراسة أميركية حديثة عن آلية جديدة تفسر حدوث العقم لدى السيدات البدينات، تختلف عما هو سائد من أن تأثير البدانة يؤدي إلى نشوء ما يعرف بمقاومة خلايا الغدة النخامية لتأثير هرمون الإنسولين.
وأشارت الدراسة التي نشرتها دورية «Cell Metabolism» في عددها الصادر في الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي، إلى أن علماء مركز الأطفال بجامعة جون هوبكنز الأميركية أجروا تجارب على فئران بدينة استهدفت دراسة تأثيرات هرمون الإنسولين على مختلف الخلايا.
وأظهرت التجارب أن استجابة خلايا الغدة النخامية للهرمون تكون في إطارها الطبيعي، على عكس ما هو شائع سابقا من أن مستقبلات الإنسولين في هذه الخلايا تشهد تغيرا يعرف بـ«مقاومة تأثير الإنسولين Insulin-resistance».
وأكد البروفسور أندرو وولف، الأستاذ المساعد لطب الأطفال والغدد الصماء بمركز الأطفال في جامعة جون هوبكنز، أن نتائج البحث لا تنفي حدوث الظاهرة المعروفة بمقاومة تأثير الإنسولين كلية في حالة السيدات البدينات، ولكن الدراسة أثبتت أن مختلف الأنسجة تتفاعل مع هذه الحالة بطرق متباينة، فبينما لا تتأثر المستقبلات بالغدة النخامية نحو الإنسولين، تتأثر بذلك الخلايا الموجودة في الكبد والعضلات، وهو الأمر الذي - على ما يبدو - تسبب في انقياد العلماء سابقا إلى الاعتقاد الخاطئ بأن خلايا الغدة النخامية تتفاعل بالشكل ذاته.
نظرية جديدة
ووضع الباحثون نظرية جديدة مفادها أن مقاومة الخلايا الموجودة في العضلات والكبد لتأثير هرمون الإنسولين يدفع الجسم لزيادة النسبة التي يفرزها من الهرمون كرد فعل للحصول على التأثير المطلوب، وهو ما يتسبب بدوره في ارتفاع مزمن بنسبة الإنسولين بالدم.
وأكد وولف أن الارتفاع المزمن لنسب هرمون الإنسولين يقوم بحث الغدة النخامية بصورة فائقة، ودفعها لانتهاج منظومة غير طبيعية من التفاعلات الهرمونية من شأنها «التشويش» على عملية التبويض الطبيعية، وبالتالي التأثير سلبا على الخصوبة.
ولإثبات صحة نظريتهم، قام العلماء بحرمان مجموعة من فئران التجارب من مستقبلات الإنسولين بالغدة النخامية عن طريق تقنيات الهندسة الوراثية، ثم قاموا بتغذيتها بوجبات عالية الدهون على مدار ثلاثة أشهر، مع مقارنتها بأخرى ذات مستقبلات طبيعية، فتبين أن الفئران المهندسة وراثيا لم تعان من أعراض زيادة الهرمونات المنظمة لوظائف المبيض، مع احتفاظها بانتظام الدورات الشهرية، على الرغم من إصابتها كقرينتها بالبدانة المفرطة.
دور الغدة النخامية
يذكر أن الغدة النخامية مسؤولة بشكل مباشر عن انتظام عملية التبويض والخصوبة عبر الهرمونات المنظمة (FSH وLH) التي تقوم بإفرازها لحث المبيض على القيام بوظائفه، ويعتمد المبيض على قياس هذه الهرمونات بالدم والتفاعل طبقا لنسبتها التي تتغير تباعا طوال الشهر حسب دورات متتابعة، ولذلك فإن أي اختلال في نسب هذه الهرمونات يتسبب في خلل وظيفي جسيم في المبيض.
وتتسبب التغيرات الناجمة عن ذلك الخلل الوظيفي في ارتفاع نسب الهرمونات المنظمة التي تفرزها الغدة الدرقية بصورة كبيرة، إلى جانب الإصابة بمتلازمة تكيسات المبيض المتعددة (Polycystic Ovary Syndrome).
وتكمن أهمية الكشف الرئيسية في أنها قد تغيير المفاهيم التقليدية السائدة في علاج حالات العقم لدى السيدات البدينات اللاتي تعانين من متلازمة تكيسات المبيض المتعددة، التي تعتمد بدرجة كبيرة على العقاقير المضادة لمرض السكري بالأساس (مثل العقاقير المحتوية على مادة «الميتفورمين» Metformin) كمحاولة لتحسين استجابة الخلايا لتأثير هرمون الإنسولين، الذي يتضح – طبقا للدراسة – أنه لا دور له في تحسين استجابة الغدة الدرقية ذاتها، وإن كان تحسين استجابة خلايا الجسم للإنسولين قد يسهم بصورة غير مباشرة في خفض معدل إفراز الإنسولين عموما، وبالتالي وقف منظومة الاستجابة غير الطبيعية لخلايا الغدة الدرقية.
تابعنا على :