مشكلة بروز الأسنان.. أسبابها وطرق علاجها
مشكلة بروز الأسنان.. أسبابها وطرق علاجها
يعتبر بروز الأسنان من المشكلات التي تسترعي انتباه العديد من المرضى الذين يرتادون عيادات التقويم لعلاجها.
وغالبا ما يكون بروز الأسنان مصاحبا ببروز في الشفاه الذي يصل أحيانا الى درجة كبيرة جدا تبقي فم المريض مفتوحا ليل نهار.
ويعتبر علاجه من العلاجات الصعبة كونه يتأثر بعدة عوامل مختلفة منها نظرة المريض ومقدار رضاه عن مدى بروز أسنانه ومقدار البروز، وتأثيره على الشفتين، ورؤية الطبيب، والعرق، وغير ذلك من العوامل المختلفة التي تجعل تحديد طريقة العلاج صعبا أحيانا.
ونستهل التحقيق بقصتين لأثنين من المرضي.
الأول كان طفلا في الثانية عشرة من عمره وكان في أول زيارة له غريب الأطوار وانطوائيا الى حد كبير وعبوس الوجه لا يتكلم الا القليل.
وكانت مشكلته تكمن في بروز أسنانه وشفتيه بشكل مزعج الى حد كبير وقد قمت بعلاجه بخلع أربع ضواحك وتقويم أسنانه.
وبعد انتهاء العلاج كان الطفل مختلفا تماما، أصبح طفلا جميلا ذا شخصية جذابة ومرحة ومحبوبة.
القصة الأخرى كانت لامرأة قامت بزيارتي اخيرا وهي تبحث عن حل لمشكلتها التي تكمن في ضمور شفتيها وتغير شكلها لدرجة انها تأثرت نفسيا من ذلك، حيث إنها خضعت الى علاج تقويم ابتدأ منذ ثلاث سنوات، الذي تم عمله لإصلاح سوء اطباق الاسنان الذي كان لديها آنذاك.
وكان قرار اختصاصي التقويم بأن يتم علاجها عن طريق خلع أسنان ومن ثم قفل الفراغات بترجيع الأسنان الأمامية وبالتالي حل مشكلة اللاتطابق.
ولكن بعد مرور السنوات من هذا العلاج، وبعد مرحلة تقفيل الفراغات الناتجة عن الخلع، اكتشفت المريضة بأن شكل وجهها قد تغير وان شفتيها أصبحتا مضمورتين الى حد كبير.
وكذلك الأسنان قد تم ترجيعها لداخل الفم بصورة لم تعجبها، وهي الآن تريد اصلاح الأمر واعادة الأسنان الى وضعها السابق، وقد ذهبت بعد ذلك الى طبيب آخر الذي قام باتهام الطبيب السابق بقصوره وخطأ علاجه.
وأراد الطبيب الآخر ارجاع الأسنان الى وضعها السابق وفتح فراغات جديدة وملأها بأسنان مزروعة. وهي الآن في نهاية تلك المرحلة. ولكنها الآن أصبحت غير واثقة في صحة ما يقال لها.
وفعلا فان العلاج المتبع في مثل تلك الحالة يتلخص في تقديم الأسنان وذلك عن طريق إعادتها الى وضعها السابق وإعادة فتح الفراغات، وهذا بالتالي يستدعي تعويض هذه الفراغات بواسطة الزرعات السنية، وهذا بالطبع سيكلفها مبلغا ليس بالسهل.
وعند المراجعة لهذا السيناريو تبين الى ان السبب يعود في المقام الأول لعدم وجود تواصل بين المريض والطبيب حيث لم يقم الطبيب بتوضيح ان خلع الأسنان قد يؤثر على وضع الشفاه وقد تتراجع بسبب ذلك.
وبيت القصيد في القصة الثانية هو ان علاج البروز يعتبر من أهم التحديات في تقويم الأسنان ومدى أهمية أخذ القرار الصائب حتى لا نؤثر على حالة المريض النفسية والجمالية.
أسباب بروز الأسنان
قد يتساءل البعض لماذا يحصل بروز الأسنان. والأسباب متعددة ومتفاوتة وقد تكون طبيعية لدى البعض كما في الأفراد المنحدرين من العرق الأفريقي، اذ نلاحظ أن معظمهم لديهم بروز في الأسنان العلوية والسفلية معا وهذه تعتبر علامة مميزة لديهم، والبعض منهم يعتبرها علامة من علامات الجمال.
أما في حالات أخرى فقد ينظر إلى بروز الأسنان بأنه شكل غير مستحب. وعند الفحص نجد أنه قد يكون هنالك تقدم في نمو الفك العلوي بشكل ملحوظ مما يعطي تقدما في الأسنان الأمامية، أو في حالة تأخر نمو الفك السفلي بشكل ملحوظ مما يعطي انطباعا بأن الأسنان العلوية بارزة جدا.
ومن الأسباب المهمة لبروز الأسنان هي التزاحم في الأسنان بسبب صغر الفك أو كبر حجم الأسنان بالنسب للفك مما يؤدي إلى تراكم الأسنان وبروزها أيضا لعدم وجود فراغ كاف لمكانها.
وقد يكون ضيق في حجم الفك سببا آخر لبروز الأسنان لأن الفك عندما يكون ضيقا تلجأ الأسنان للبروز لضيق المسافة اللازمة لنموها وهذه الحالة قد تكون مصاحبة لبعض العادات السيئة للفم كمص الإصبع أو التنفس عن طريق الفم أو كما ذكر في أعداد سابقة عن حالة البلع الطفلي أو دفع اللسان الدائم للأسنان الأمامية مما يؤدي إلى بروزها ونشوء فراغ بين الأسنان الأمامية.
ويلعب العامل الوراثي دورا مهما جدا في شيوع هذا النوع من مشكلات التقويم وكذلك بعض المشكلات المتعلقة بصعوبة التنفس لدى الناس.
وهنالك نقطة مهمة تسترعي الانتباه عند تشخيص حالات بروز الأسنان ألا وهي وضع الشفتين.
وهو السبب الذي جعل المريضة المذكورة قصتها في بداية الموضوع تذهب عن علاج التقويم في عيادة أخرى كونها غير راضية تماما عن تغيير شكل شفتيها التي تراجعت كثيرا مما زاد من بروز الأنف.
علاج طبي «جمالي»
وتعتبر علاقة الشفتين بالأنف مهمة من الناحية الجمالية حيث ان مستوى الشفتين يجب ان يكون في وضع متناسق مع مستوى بروز الأنف والذقن .
ففي حالات البروز الشديد نجد أن وضع الشفتين متقدما بالنسبة للأنف وفي أحيانا أخرى نجدها متناسقة مع الأنف والذقن ولكن الأسنان بارزة ومتزاحمة الى حد معين.
وهذا ما حصل للمريضة السابقة فقد تم إهمال تلك العلاقة المهمة. ويجب أن يكون هنالك تناغم ما بين أنسجة الوجه والأسنان، وليس النظر فقط إلى علاج الأسنان.
ويجب أيضا مراعاة الحقيقة القائلة بأن البروز سمة من سمات الأطفال تقل مع الكبر. فلا يمكن علاج البروز لدى الأطفال بخلع الأسنان الا اذا كانت الحالة متقدمة جدا.
ان علاج البروز السني لا يكون فقط بواسطة الخلع بل هنالك طرق أخرى لعلاجه وهي تعتمد على تحليل الوجه والشفتين بشكل خاص.
ولا يخفى علينا أيضا أهمية سمك الشفتين في العلاج، فلدى بعض الناس تكون الشفاه سميكة، وعند علاج البروز بواسطة الخلع وترجيع الأسنان قد لا يحدث تغيير جذري في وضع الشفتين.
أما في حالة الشفاه الرقيقة فيجب الانتباه في طريقة العلاج حتى لا يتأثر شكل الوجه و الفم. وبعض حالات بروز الأسنان قد تكون مصاحبة بعدم القدرة على إبقاء الفم مغلقا، أو على الأقل عند إغلاقه تصبح عضلات الفم مشدودة بشكل كبير وبالأخص عضلة الذقن، حيث من الملاحظ تكون تجاعيد عند إجبار الفم على الإغلاق.
ومثل تلك العلامات تدل وبقوة على أهمية العلاج بخلع أسنان وذلك بتخفيف الضغط على العضلات بعلاج بروز الأسنان بواسطة التقويم.
وأحيانا يكون البروز مصاحبا بتزاحم الأسنان الذي أيضا يتطلب اجراء عملية الخلع وتوفير مساحات لاحتواء الأسنان. أما في حالة عدم وجود بروز لدى المريض فان العلاج سيختلف تماما الذي عادة ما يتم عمله بتوسيع الفك.
ولا أنسى ان أشير الى أهمية مشاركة المريض في تحديد الخطة العلاجية بواسطة التقويم، ومعرفة ما يناسبه بناء على أمور كثيرة كما سبق وذكرت.
ويجب أن يكون العلاج مناسبا مع ما يفضله المريض، حيث لا توجد هنالك وجهة محددة للعلاج فكل شخص وما يناسبه.
ويجب أيضا شرح توابع كل علاج عن طريق الطبيب المختص فإذا كان المريض يفضل إبقاء جزء من البروز لان البعض يفضله والبعض الآخر لا يفضل ذلك، فتكون خطة العلاج مختلفة مثل لدى من هو راض عن مقدار بروز اسنانه ممن يريد إزالة ذلك البروز بشكل نهائي.
وفي بعض الحالات الشديدة أو المعقدة يكون اللجوء إلى الجراحة كحل مساعد لتقويم الأسنان للوصول إلى نتائج مرضية. وتكون المناقشة على هذا الأساس وبالتفصيل للتوصل إلى حل نهائي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك برامج الكترونية كثيرة متوفرة تساعد المريض على التخيل وتصور نتيجة العلاج، فيتم إدراج صور المريض إلى الكومبيوتر ومن ثم يتم معالجتها بواسطة تلك البرامج لإعطاء صورة تخيلية للمريض ما بعد العلاج.
كما يمكن من خلالها استعراض جميع الطرق العلاجية الممكنة ومن ثم يختار المريض أي الطرق التي يريدها.
تابعنا على :